الآية 92 من سورة المؤمنون
قال تعالى: (عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ) [المؤمنون - الآية 92]
تفسير جلالين
«عالم الغيب والشهادة» ما غاب وما شوهد بالجر صفة والرفع خبر هو مقدرا «فتعالى» تعظم «عما يشركونـ» ـه معه.
تفسير السعدي
نبه على عظمة صفاته بأنموذج من ذلك، وهو علمه المحيط، فقال: عَالِمُ الْغَيْبِ أي: الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا، من الواجبات والمستحيلات والممكنات، وَالشَّهَادَةِ وهو ما نشاهد من ذلك فَتَعَالَى أي: ارتفع وعظم، عَمَّا يُشْرِكُونَ به، من لا علم عنده، إلا ما علمه الله.
تفسير بن كثير
( عالم الغيب والشهادة ) أي : يعلم ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه ، ( فتعالى عما يشركون ) أي : تقدس وتنزه وتعالى وعز وجل [ عما يقول الظالمون والجاحدون ].
تفسير الوسيط للطنطاوي
عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أى: هو العليم بما يغيب عن عقول الناس ومداركهم وهو العليم- أيضا- بما يشاهدونه بأبصارهم وحواسهم.
فَتَعالى الله- عز وجل- وتقدس عَمَّا يُشْرِكُونَ معه من آلهة أخرى، لا تضر ولا تنفع: ولا تملك لعابديها موتا ولا حياة ولا نشورا.
ثم تترك السورة الحديث مع هؤلاء المشركين، وتوجه حديثها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فتأمره أن يلتجئ إلى خالقه، وأن يستعيذ به من شرور الشياطين.
قال- تعالى-:.
تفسير البغوي
( عالم الغيب والشهادة ) قرأ أهل المدينة والكوفة غير حفص : " عالم " برفع الميم على الابتداء ، وقرأ الآخرون بجرها على نعت الله في سبحان الله ، ( فتعالى عما يشركون ) أي : تعظم عما يشركون ، ومعناه أنه أعظم من أن يوصف بهذا الوصف.
تفسير القرطبي
سبحان الله عما يصفون تنزيها له عن الولد والشريك.
عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون تنزيه وتقديس.
وقرأ نافع ، وأبو بكر ، وحمزة ، والكسائي عالم بالرفع على الاستئناف ؛ أي هو عالم الغيب.
الباقون بالجر على الصفة لله.
وروى رويس ، عن يعقوب ( عالم ) إذا وصل خفضا.
و ( عالم ) إذا ابتدأ رفعا.
تفسير الطبري
وقوله: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) يقول تعالى ذكره: هو عالم ما غاب عن خلقه من الأشياء، فلم يَرَوْه ولم يشاهدوه، وما رأوه وشاهدوه، إنما هذا من الله خبر عن هؤلاء الذين قالوا من المشركين: اتخذ الله ولدا وعبدوا من دونه آلهة، أنهم فيما يقولون ويفعلون مبطلون مخطئون، فإنهم يقولون ما يقولون من قول في ذلك عن غير علم، بل عن جهل منهم به، وإن العالم بقديم الأمور وبحديثها، وشاهدها وغائبها عنهم الله الذي لا يخفى عليه شيء، فخبره هو الحق دون خبرهم وقال: (عَالِمِ الْغَيْبِ) فرفع على الابتداء، بمعنى: هو عالم الغيب، ولذلك دخلت الفاء في قوله: ( فَتَعَالَى ) كما يقال: مررت بأخيك المحسن فأحسنت إليه، فترفع المحسن إذا جعلت فأحسنت إليه بالفاء؛ لأن معنى الكلام إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو المحسن، فأحسنت إليه.
ولو جعل الكلام بالواو فقيل: وأحسنت إليه، لم يكن وجه الكلام في المحسن إلا الخفض على النعت للأخ، ولذلك لو جاء ( فَتَعَالَى ) بالواو كان وجه الكلام في ( عَالِمِ الْغَيْبِ ) الخفض على الاتباع لإعراب اسم الله، وكان يكون معنى الكلام: سبحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى! فيكون قوله (وَتَعَالَى) حينئذ معطوفا على سبحان الله ، وقد يجوز الخفض مع الفاء؛ لأن العرب قد تبدأ الكلام بالفاء، كابتدائها بالواو، وبالخفض كأن يقرأ: ( عَالِمِ الْغَيْبِ ) في هذا الموضع أبو عمرو، وعلى خلافه في ذلك قرأة الأمصار.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا الرفع لمعنيين: أحدهما: إجماع الحجة من القراء عليه، والثاني: صحته في العربية.
وقوله: ( فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى ذكره: فارتفع الله وعلا عن شرك هؤلاء المشركين، ووصفهم إياه بما يصفون.