الآية 9 من سورة ق
قال تعالى: (وَنَزَّلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ مُّبَٰرَكٗا فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّٰتٖ وَحَبَّ ٱلۡحَصِيدِ) [ق - الآية 9]
تفسير جلالين
«ونزلنا من السماء ماءً مباركا» كثير البركة «فأنبتنا به جنات» بساتين «وحب» الزرع «الحصيد» المحصود.
تفسير السعدي
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقة دليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال: وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ.
تفسير بن كثير
وقوله تعالى : ( ونزلنا من السماء ماء مباركا ) أي : نافعا ، ( فأنبتنا به جنات ) أي : حدائق من بساتين ونحوها ، ( وحب الحصيد ) وهو : الزرع الذي يراد لحبه وادخاره.
تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم انتقلت الآيات إلى بيان مظاهر قدرته في إنزال المطر، بعد بيان مظاهر قدرته في خلق السموات والأرض وما اشتملتا عليه من كائنات، فقال- تعالى-: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً أى: ماء كثير المنافع والخيرات للناس والدواب والزروع.
فَأَنْبَتْنا بِهِ أى: بذلك الماء جَنَّاتٍ أى: بساتين كثيرة زاخرة بالثمار.
وَحَبَّ الْحَصِيدِ أى: وحب النبات الذي من شأنه أن يحصد عند استوائه كالقمح والشعير وما يشبههما من الزروع.
فالحصيد بمعنى المحصود، وهو صفة لموصوف محذوف أى: وحب الزرع الحصيد.
فهذا التركيب من باب حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه للعلم به.
وخص الحب بالذكر، لاحتياج الناس إليه أكثر من غيره، فصار كأنه المقصود بالبيان.
تفسير البغوي
( ونزلنا من السماء ماء مباركا ) كثير الخير وفيه حياة كل شيء ، وهو المطر ( فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ) يعني البر والشعير وسائر الحبوب التي تحصد ، فأضاف الحب إلى الحصيد ، وهما واحد لاختلاف اللفظين ، كما يقال : مسجد الجامع وربيع الأول.
وقيل : " وحب الحصيد " أي : وحب النبت [ الحصيد ].
تفسير القرطبي
ونزلنا من السماء أي : من السحاب ماء مباركا أي : كثير البركة.
فأنبتنا به جنات وحب الحصيد التقدير : وحب النبت الحصيد وهو كل ما يحصد.
هذا قول البصريين.
وقال الكوفيون : هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، كما يقال : مسجد الجامع وربيع الأول وحق اليقين وحبل الوريد ونحوها ; قال الفراء : والأصل الحب الحصيد فحذفت الألف واللام وأضيف المنعوت إلى النعت.
وقال الضحاك : حب الحصيد البر والشعير.
وقيل : كل حب يحصد ويدخر ويقتات.
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)يقول تعالى ذكره ( وَنزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) مطرا مباركا, فأنبتنا به بساتين أشجارا, وحبّ الزرع المحصود من البرّ والشعير, وسائر أنواع الحبوب.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) هذا البرّ والشعير.
حدثني ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) قال: هو البرّ والشعير.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) قال: الحِنطة.
وكان بعض أهل العربية يقول في قوله ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) الحبّ هو الحصيد, وهو مما أضيف إلى نفسه مثل قوله إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ.