الآية 88 من سورة المؤمنون
قال تعالى: (قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) [المؤمنون - الآية 88]
تفسير جلالين
«قل من بيده ملكوت» ملك «كل شيء» والتاء للمبالغة «وهو يُجير ولا يُجار عليه» يَحمي ولا يُحمى عليه «إن كنتم تعلمون».
تفسير السعدي
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ أي: ملك كل شيء، من العالم العلوي، والعالم السفلي، ما نبصره، وما لا نبصره؟.
و " الملكوت "ب صيغة مبالغة بمعنى الملك.
وَهُوَ يُجِيرُ عباده من الشر، ويدفع عنهم المكاره، ويحفظهم مما يضرهم، وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ أي: لا يقدر أحد أن يجير على الله.
ولا يدفع الشر الذي قدره الله.
بل ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.
تفسير بن كثير
( قل من بيده ملكوت كل شيء ) أي : بيده الملك ، ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) [ هود : 56 ] ، أي : متصرف فيها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا والذي نفسي بيده " ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال : " لا ومقلب القلوب " ، فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف ، ( وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ) كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدا ، لا يخفر في جواره ، وليس لمن دونه أن يجير عليه ، لئلا يفتات عليه ، ولهذا قال الله : ( وهو يجير ولا يجار عليه ) أي : وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه ، الذي له الخلق والأمر ، ولا معقب لحكمه ، الذي لا يمانع ولا يخالف ، وما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وقال الله : ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) [ الأنبياء : 23 ] ، أي : لا يسئل عما يفعل; لعظمته وكبريائه ، وقهره وغلبته ، وعزته وحكمته ، والخلق كلهم يسألون عن أعمالهم ، كما قال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ].
تفسير الوسيط للطنطاوي
وأما الحجة الثالثة، فتتجلى في قوله عز وجل: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ.
أى: قل لهم من بيده ملك كل شيء كائنا ما كان.
فالملكوت من الملك، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في هذا الملك.
وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أى: وهو- سبحانه- يغيث من يشاء من خلقه فلا يستطيع أحد أن يناله بسوء، أما من يريد الله- تعالى- أن ينزل به عقابه، فلن يستطيع أحد أن يمنع هذا العقاب عنه.
يقال: أجرت فلانا على فلان، إذا أغثته وأنقذته منه.
وعدى بعلى لتضمينه معنى النصر.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: إن كنتم- أيضا- من أهل العلم والفهم.
تفسير البغوي
( قل من بيده ملكوت كل شيء ) الملكوت الملك ، والتاء فيه للمبالغة ، ( وهو يجير ) أي : يؤمن من يشاء ( ولا يجار عليه ) أي : لا يؤمن من أخافه الله ، أو يمنع هو من السوء من يشاء ، ولا يمنع منه من أراده بسوء ، ( إن كنتم تعلمون ) قيل : معناه أجيبوا إن كنتم تعلمون.
تفسير القرطبي
قل من بيده ملكوت كل شيء يريد السماوات وما فوقها وما بينهن ، والأرضين وما تحتهن وما بينهن ، وما لا يعلمه أحد إلا هو.
وقال مجاهد : ملكوت كل شيء خزائن كل شيء.
الضحاك : ملك كل شيء.
والملكوت من صفات المبالغة كالجبروت والرهبوت ؛ وقد مضى في ( الأنعام ).
وهو يجير ولا يجار عليه أي يمنع ولا يمنع منه.
وقيل : يجير يؤمن من شاء.
ولا يجار عليه أي لا يؤمن من أخافه.
ثم قيل : هذا في الدنيا ؛ أي من أراد الله إهلاكه وخوفه لم يمنعه منه مانع ، ومن أراد نصره وأمنه لم يدفعه من نصره وأمنه دافع.
وقيل : هذا في الآخرة ، أي لا يمنعه من مستحق الثواب مانع ولا يدفعه عن مستوجب العذاب دافع.
تفسير الطبري
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: من بيده خزائن كلّ شيء؟كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) قال: خزائن كل شيء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن مجاهد، في قول الله: ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) قال: خزائن كل شيء.
وقوله ( وَهُوَ يُجِيرُ ) من أراد ممن قصده بسوء، ( وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ ) يقول: ولا أحد يمتنع ممن أراده هو بسوء، فيدفع عنه عذابه وعقابه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) من ذلك صفته.
فإنهم يقولون: إن ملكوت كلّ شيء والقدرة على الأشياء كلها لله.