الآية 83 من سورة النمل
قال تعالى: (وَيَوۡمَ نَحۡشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ فَوۡجٗا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُمۡ يُوزَعُونَ) [النمل - الآية 83]
تفسير جلالين
«و» اذكر «يوم نحشر من كل أمة فوجاً» جماعة «ممن يكذب بآياتنا» وهم رؤساؤهم المتبعون «فهم يوزعون» أي يجمعون برد آخرهم إلى أولهم ثم يساقون.
تفسير السعدي
يخبر تعالى عن حالة المكذبين في موقف القيامة وأن الله يجمعهم، ويحشر من كل أمة من الأمم فوجا وطائفة مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ يجمع أولهم على آخرهم وآخرهم على أولهم ليعمهم السؤال والتوبيخ واللوم.
تفسير بن كثير
يقول تعالى مخبرا عن يوم القيامة ، وحشر الظالمين المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله ، عز وجل ، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا ، تقريعا وتوبيخا ، وتصغيرا وتحقيرا فقال : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ) أي : من كل قوم وقرن فوجا ، أي : جماعة ، ( ممن يكذب بآياتنا ) ، كما قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) [ الصافات : 22 ] ، وقال تعالى ( وإذا النفوس زوجت ) [ التكوير : 7 ].
وقوله : ( فهم يوزعون ) قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : يدفعون.
وقال قتادة : وزعة ترد أولهم على آخرهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون.
تفسير الوسيط للطنطاوي
وقوله- سبحانه-: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ بيان إجمالى لحال المكذبين بالساعة عند قيامها، بعد بيان بعض أشراطها.
والظرف متعلق بمحذوف.
والحشر: الجمع، قالوا والمراد بهذا الحشر: حشر الكافرين إلى النار، بعد حشر الخلائق جميعها، والفصل بينهم.
والفوج: يطلق في الأصل على الجماعة التي تسير بسرعة، ثم توسع فيه فصار يطلق على كل جماعة، وإن لم يكن معها مرور أو إسراع.
وقوله: يُوزَعُونَ من الوزع.
بمعنى الكف والمنع، يقال: وزعه عن الشيء، إذا كفه عنه، ومنعه من غشيانه، والوازع في الحرب، هو الموكل بتنظيم الصفوف، ومنع الاضطراب فيها.
والمعنى: واذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- يوم نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم فَوْجاً.
أى: جماعة من الذين كانوا يكذبون في الدنيا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أى: فهم يقفون بين أيدينا، داخرين صاغرين، بحيث لا يتقدم أحد منهم على أحد، وإنما يتحركون ويساقون إلى حيث نريد منهم، ويتجمعون جميعا ليلقوا مصيرهم المحتوم.
وأفرد- سبحانه- هؤلاء المكذبين بالذكر.
- مع أن الحشر يشمل الناس جميعا- لإبراز الحال السيئة التي يكونون عليها عند ما يجمعون للحساب دون أن يشذ منهم أحد، ودون أن يتحرك أولهم حتى يجتمع معه آخرهم.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ) أي : من كل قرن جماعة ، ( ممن يكذب بآياتنا ) وليس " من " هاهنا للتبعيض ، لأن جميع المكذبين يحشرون ، ( فهم يوزعون ) يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ثم يساقون إلى النار.
تفسير القرطبي
قوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا أي زمرة وجماعة.
ممن يكذب بآياتنا يعني بالقرآن وبأعلامنا الدالة على الحق.
فهم يوزعون أي يدفعون ويساقون إلى موضع الحساب.
قال الشماخ :وكم وزعنا من خميس جحفل وكم حبونا من رئيس مسحلوقال قتادة : يوزعون أي يرد أولهم على آخرهم.
تفسير الطبري
يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع من كل قرن وملة فوجا, يعني جماعة منهم, وزمرة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) يقول: ممن يكذّب بأدلتنا وحججنا, فهو يحبس أوّلهم على آخرهم, ليجتمع جميعهم, ثم يساقون إلى النار.
وبنحو ما قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) يعني: الشيعة عند الحشر.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) قال: زمرة.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) قال: زمرة زمرة (فَهُمْ يُوزَعُونَ ).
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يقول: فهم يدفعون.
حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, في قوله: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يحبس أولهم على آخرهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: وزعة تردّ أولاهم على أخرهم.
وقد بيَّنت معنى قوله: ( يُوزَعُونَ ) فيما مضى قبل بشواهده, فأغني ذلك عن إعادته في هذا الموضع.