الآية 6 من سورة الأعلى
قال تعالى: (سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰٓ) [الأعلى - الآية 6]
تفسير جلالين
«سنقرئك» القرآن «فلا تنسى» ما تقرؤه.
تفسير السعدي
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى أي: سنحفظ ما أوحينا إليك من الكتاب، ونوعيه قلبك، فلا تنسى منه شيئًا، وهذه بشارة كبيرة من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله سيعلمه علمًا لا ينساه.
تفسير بن كثير
وقوله : ( سنقرئك ) أي : يا محمد ( فلا تنسى ) وهذا إخبار من الله ، - عز وجل - ووعد منه له ، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ، ( إلا ما شاء الله ) وهذا اختيار ابن جرير.
وقال قتادة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقيل : المراد بقوله : ( فلا تنسى ) طلب ،.
تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر فضله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى.
إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ.
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى.
والنسيان: زوال ما كان موجودا في حافظة الإنسان.
والاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل.
ومفعول المشيئة محذوف.
جريا على غالب استعماله في كلام العرب.
أى: سنقرئك- أيها الرسول الكريم- القرآن على لسان أمين وحينا جبريل- عليه السلام-.
وسنجعلك حافظا وواعيا لما سيقرؤه جبريل عليك، بحيث لا تنساه في وقت من الأوقات، أو في حال من الأحوال، إلا في الوقت أو في الحال الذي يشاء الله- تعالى- أن ينسيك شيئا من ذلك.
فإنك ستنساه بأمره- تعالى- لأنه وحده- عز وجل- هو العليم بما كان ظاهرا من الأشياء، وبما كان خافيا منها.
فالمقصود من هاتين الآيتين: وعد الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم ببيان أنه- سبحانه-، كما أنه قادر على أن يقرئ الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة لا ينساها، فهو أيضا قادر على أن يزيل من صدره ما يشاء إزالته، عن طريق النسيان لما حفظه.
فالمراد بهذا الاستثناء: بيان أنه- تعالى- لو أراد أن يصير الرسول صلى الله عليه وسلم ناسيا للقرآن لقدر على ذلك، كما قال- سبحانه- وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ.
إذ هو- تعالى- على كل شيء قدير، ولكنه لم يشأ ذلك فضلا منه وكرما.
قال الإمام الشوكانى ما ملخصه: قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى أى: سنجعلك قارئا بأن نلهمك القراءة.
فلا تنسى ما تقرؤه، والجملة مستأنفة لبيان هدايته صلى الله عليه وسلم الخاصة، بعد بيان الهداية العامة، وهي هدايته صلى الله عليه وسلم لحفظ القرآن.
تفسير البغوي
"سنقرئك" سنعلمك بقراءة جبريل عليك، "فلا تنسى".
تفسير القرطبي
قوله تعالى : سنقرئك أي القرآن يا محمد فنعلمكه ، فلا تنسى أي فتحفظ رواه ابن وهب عن مالك.
وهذه بشرى من الله تعالى بشره بأن أعطاه آية بينة ، وهي أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي ، وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ ، فيحفظه ولا ينساه.
وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : كان يتذكر مخافة أن ينسى ، فقيل : كفيتكه.
قال مجاهد والكلبي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه جبريل بالوحي ، لم يفرغ جبريل من آخر الآية ، حتى يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأولها ، مخافة أن ينساها فنزلت : سنقرئك فلا تنسى بعد ذلك شيئا ، فقد كفيتكه.
تفسير الطبري
وقوله: ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: سنقرئك يا محمد هذا القرآن فلا تنساه، إلا ما شاء الله.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) فقال بعضهم: هذا إخبار من الله نبيه عليه الصلاة والسلام أنه يعلمه هذا القرآن ويحفظه عليه، ونهي منه أن يعجل بقراءته كما قال جلّ ثناؤه: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى ) قال: كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى، فقال قائلو هذه المقالة: معنى الاستثناء في هذا الموضع على النسيان، ومعنى الكلام: فلا تنسى، إلا ما شاء الله أن تنساه، ولا تذكُرَه، قالوا: ذلك هو ما نسخه الله من القرآن، فرفع حكمه وتلاوته.
* ذكر من قال ذلك:.