الآية 56 من سورة الحجر
قال تعالى: (قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ) [الحجر - الآية 56]
تفسير جلالين
«قال ومن» أي لا «يقنَِط» بكسر النون وفتحها «من رحمة ربه إلا الضالون» الكافرون.
تفسير السعدي
فأجابهم إبراهيم بقوله: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ الذين لا علم لهم بربهم، وكمال اقتداره وأما من أنعم الله عليه بالهداية والعلم العظيم، فلا سبيل إلى القنوط إليه لأنه يعرف من كثرة الأسباب والوسائل والطرق لرحمة الله شيئا كثيرا، ثم لما بشروه بهذه البشارة، عرف أنهم مرسلون لأمر مهم.
تفسير بن كثير
فأجابهم بأنه ليس يقنط ولكن يرجو من الله الولد وإن كان قد كبر وأسنت امرأته فإنه يعلم من قدرة الله ورحمته ما هو أبلغ من ذلك.
تفسير الوسيط للطنطاوي
وهنا دفع إبراهيم- عليه السلام- عن نفسه رذيلة اليأس من رحمة الله.
فقال على سبيل الإنكار والنفي وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ أى: أنا ليس بي قنوط أو يأس من رحمة الله، لأنه لا ييأس من رحمة الله- تعالى- إلا القوم الضالون عن طريق الحق والصواب، الذين لا يعرفون سعة رحمته- تعالى- ونفاذ قدرته، ولكن هذه البشارة العظيمة- مع تقدم سنى وسن زوجي- هي التي جعلتني- من شدة الفرح والسرور- أعجب من كمال قدرة الله- تعالى-، ومن جزيل عطائه، ومن سابغ مننه، حيث رزقني الولد في هذه السن التي جرت العادة بأن لا يكون معها إنجاب أو ولادة.
تفسير البغوي
( قال ومن يقنط ) قرأ أبو عمرو ، والكسائي ، ويعقوب : بكسر النون ، والآخرون بفتحها ، وهما لغتان : قنط يقنط ، وقنط يقنط أي : من ييئس ( من رحمة ربه إلا الضالون ) أي : الخاسرون والقنوط من رحمة الله كبيرة كالأمن من مكره.
تفسير القرطبي
قوله تعالى : قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون أي المكذبون الذاهبون عن طريق الصواب.
يعني أنه استبعد الولد لكبر سنه لا أنه قنط من رحمة الله - تعالى -.
تفسير الطبري
وقوله ( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم للضيف: ومن ييأس من رحمة الله إلا القوم الذين قد أخطئوا سبيل الصواب ، وتركوا قصد السبيل في تركهم رجاء الله، ولا يخيب من رجاه، فضلوا بذلك عن دين الله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَمَنْ يَقْنَطُ ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والكوفة ( وَمَنْ يَقْنَطُ ) بفتح النون، إلا الأعمش والكسائي فإنهما كسرا النون من ( يَقْنِط ).
فأما الذين فتحوا النون منه ممن ذكرنا فإنهم قرءوا مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا بفتح القاف والنون.
وأما الأعمش فكان يقرأ ذلك: من بعد ما قَنِطُوا ، بكسر النون.
وكان الكسائي يقرؤه بفتح النون ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأ الحرفين جميعا على النحو الذي ذكرنا من قراءة الكسائي.
وأولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة من قرأ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا بفتح النون ( وَمَنْ يَقْنِطُ ) بكسر النون، لإجماع الحجة من القرّاء على فتحها في قوله مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا فكسرها في ( وَمَنْ يَقْنِطُ ) أولى إذا كان مجمعا على فتحها في قَنَط، لأن فَعَل إذا كانت عين الفعل منها مفتوحة ، ولم تكن من الحروف الستة التي هي حروف الحلق، فإنها تكون في يفْعِل مكسورة أو مضمومة.
فأما الفتح فلا يُعرف ذلك في كلام العرب.