تفسير: ذواتا أفنان، الآية 48 من سورة الرحمن

الآية 48 من سورة الرحمن

قال تعالى: (ذَوَاتَآ أَفۡنَانٖ) [الرحمن - الآية 48]

تفسير جلالين

«ذواتا» تثنية ذوات على الأصل ولامها ياء «أفنان» أغصان جمع فنن كطلل.

تفسير السعدي

ومن أوصاف تلك الجنتين أنهما ذَوَاتَا أَفْنَانٍ [أي: فيهما من ألوان النعيم المتنوعة نعيم الظاهر والباطن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر] أن فيهما الأشجار الكثيرة الزاهرة ذوات الغصون الناعمة، التي فيها الثمار اليانعة الكثيرة اللذيذة، أو ذواتا أنواع وأصناف من جميع أصناف النعيم وأنواعه جمع فن، أي: صنف.

تفسير بن كثير

ثم نعت هاتين الجنتين فقال : ( ذواتا أفنان ) أي : أغصان نضرة حسنة ، تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة ، ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ).

هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة : إن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضا.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا مسلم بن قتيبة ، حدثنا عبد الله بن النعمان ، سمعت عكرمة يقول : ( ذواتا أفنان ) ، يقول : ظل الأغصان على الحيطان ، ألم تسمع قول الشاعر حيث يقول :ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما تدعو أبا فرخين صادف طاوياذا مخلبين من الصقور قطاماوحكى البغوي ، عن مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والكلبي : أنه الغصن المستقيم [ طوالا ].

قال : وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ذواتا أفنان ) : ذواتا ألوان.

قال : و [ قد ] روي عن سعيد بن جبير ، والحسن ، والسدي ، وخصيف ، والنضر بن عربي ، وأبي سنان مثل ذلك.

ومعنى هذا القول أن فيهما فنونا من الملاذ ، واختاره ابن جرير.

وقال عطاء : كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة ، وقال الربيع بن أنس : ( ذواتا أفنان ) : واسعتا الفناء.

وكل هذه الأقوال صحيحة ، ولا منافاة بينها ، والله أعلم.

وقال قتادة : ( ذواتا أفنان ) ينبئ بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها.

وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر سدرة المنتهى - فقال : " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة - أو قال : يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب - فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال ".

رواه الترمذي من حديث يونس بن بكير ، به.

تفسير الوسيط للطنطاوي

وقوله: ذَواتا أَفْنانٍ صفة للجنتين.

والأفنان جمع فنن- بفتحتين- وهو الغصن.

أى: جنتان صاحبتا أغصان عظيمة.

تمتاز بالجمال واللين والنضرة.

تفسير البغوي

( ذواتا أفنان ) أغصان ، واحدها فنن ، وهو الغصن المستقيم طولا.

وهذا قول مجاهد وعكرمة والكلبي.

وقال عكرمة : ظل الأغصان على الحيطان.

قال الحسن : ذواتا ظلال.

قال ابن عباس : ألوان.

قال سعيد بن جبير والضحاك : ألوان الفاكهة ، واحدها فن من قولهم أفنن فلان في حديثه إذا أخذ في فنون منه وضروب.

وجمع عطاء بين القولين فقال : في كل غصن فنون من الفاكهة.

وقال قتادة : ذواتا فضل وسعة على ما سواهما.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : ذواتا أفنان قال ابن عباس وغيره : أي ذواتا ألوان من الفاكهة ، الواحد : فن.

وقال مجاهد : الأفنان الأغصان واحدها فنن ، قال النابغة :بكاء حمامة تدعو هديلا مفجعة على فنن تغنيوقال آخر يصف طائرين :باتا على غصن بان في ذرى فنن يرددان لحونا ذات ألوانأراد باللحون اللغات.

وقال آخر :ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماماتدعو أبا فرخين صادف ضاريا ذا مخلبين من الصقور قطاماوالفنن جمعه أفنان ثم الأفانين ، وقال يصف رحى :لها زمام من أفانين الشجروشجرة فناء أي ذات أفنان وفنواء أيضا على غير قياس.

وفي الحديث : إن أهل الجنة مرد مكحلون أولو أفانين يريد أولو فنن وهو جمع أفنان ، وأفنان جمع فنن وهو الخصلة من الشعر شبه بالغصن.

ذكره الهروي.

وقيل : ذواتا أفنان أي ذواتا سعة وفضل على ما سواهما ؛ قاله قتادة.

وعن مجاهد أيضا وعكرمة : إن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان.

تفسير الطبري

وقوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) يقول: ذواتا ألوان، واحدها فن، وهو من قولهم : افتن فلان في حديثه : إذا أخذ فى فنون منه وضروب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ذواتا ألوان.

حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: ثنا عبد الله بن النعمان، عن عكرِمة ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ظل الأغصان على الحيطان، قال: وقال الشاعر:ما هاجَ شَوْقَكَ مِنْ هَدِيل حَمامَةتَدْعُو على فَنن الغُصُونِ حَماماتَدْعُوا أبا فَرْخَين صَادَفَ ضارياذا مِخْلَبين مِنَ الصُّقُّورِ قَطاما (3).

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ذواتا ألوان.

قال: ثنا مهران، عن أبي سنان ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ذواتا ألوان.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) يقول: ألوان من الفاكهة.

وقال آخرون : ذواتا أغصان.

* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل من أهل البصرة، عن مجاهد ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ذواتا أغصان.

وقال آخرون : معنى ذلك: ذواتا أطراف أغصان الشجر.

* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) يقول: فيما بين أطراف شجرها، يعني: يمسّ بعضها بعضا كالمعروشات، ويقال: ذواتا فضول عن كل شيء.

وقال آخرون : بل عنى بذلك فضلهما وسعتهما على ما سواهما.

* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) يعني: فضلهما وسعتهما على ما سواهما.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) قال: ذواتا فضل على ما سواهما.

------------------الهوامش :(3) لم أقف على قائل البيتين وأنشد ابن بري في ( اللسان : هدر ) البيت الأول منهما، ولم ينسبه قال صاحب اللسان عن ابن سيده في المحكم : الهديل : صوت الحمام، وخص بعضهم به وحشها، كالدباسي والقماري ونحوهما، هدل يهدل هديلا.

وأنشد ابن بري :.

البيت قال : وقد جاء الهديل في صوت الهدهد.

ا ه.

والفنفن الغصن المستقيم طولا وعرضا.

وقيل الغصن : القضيب، يعني المقضوب، والفنن: ما تشعب منه.

والجمع: الأفنان ثم والأفانين.

وقال عكرمة في قوله تعالى : ( ذواتا أفنان ) قال: ظل الأغصان على الحيطان.

وقال أبو الهيثم: فسرها بعضهم ذواتا أغصان وفسره بعضهم : ذواتا ألوان، واحدها حينئذ: فن ، وفنن.

قال أبو منصور : واحد الأفنان، إذا أردت بها ألوان فن.

وإذا أردت بها الأغصان : فواحدها فنن.

اه.

وقال في قطم : والقطامي: الصقر، ويفتح.

وصقر قطام ( كسحاب ) وقَطامي وقطامي ( بفتح أوله وضمه ) : لحم.

قيس يفتحون، وسائر العرب يضمون، وقد غلب عليه اسما، وهو مأخوذ من القطم، وهو المشتهى : اللحم وغيره.

ا ه.