الآية 4 من سورة فاطر
قال تعالى: (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ) [فاطر - الآية 4]
تفسير جلالين
«وإن يكذبوك» يا محمد في مجيئك بالتوحيد والبعث، والحساب والعقاب «فقد كُذِّبت رسل من قبلك» في ذلك فاصبر كما صبروا «وإلى الله ترجع الأمور» في الآخرة فيجازي المكذبين وينصر المسلمين.
تفسير السعدي
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يا أيها الرسول، فلك أسوة بمن قبلك من المرسلين، فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فأهلك المكذبون، ونجى اللّه الرسل وأتباعهم.
وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.
تفسير بن كثير
يقول : وإن يكذبك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد ، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة ، فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ، ( وإلى الله ترجع الأمور ) أي : وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء.
تفسير الوسيط للطنطاوي
قال الآلوسى: قوله: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية له صلّى الله عليه وسلم بعموم البلية، والوعد له صلّى الله عليه وسلّم والوعيد لأعدائه.
والمعنى: وإن استمروا على أن يكذبوك فيما بلغت إليهم من الحق المبين.
فتأس بأولئك الرسل في الصبر، فقد كذبهم قومهم فصبروا على تكذيبهم.
فجملة فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ قائمة مقام جواب الشرط، والجواب في الحقيقة تأس.
وأقيمت تلك الجملة مقامه، اكتفاء بذكر السبب عن ذكر المسبب.
وجاء لفظ الرسل بصيغة التنكير، للإشعار بكثرة عددهم، وسمو منزلتهم.
أى: وإن يكذبك- أيها الرسول الكريم- قومك، فلا تحزن، ولا تبتئس، فإن إخوانك من الأنبياء الذين سبقوك، قد كذبهم أقوامهم، فأنت لست بدعا في ذلك.
ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ.
وقوله- عز وجل-: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ.
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يزيد في تسليته صلّى الله عليه وسلّم فقال: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.
أى: وإلى الله- تعالى- وحده ترجع أمور الناس وأحوالهم وأعمالهم وأقوالهم.
وسيجازى- سبحانه- الذين أساءوا بما عملوا، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
تفسير البغوي
(وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ) يعزي نبيه - صلى الله عليه وسلم - ( وإلى الله ترجع الأمور).
تفسير القرطبي
قوله تعالى : وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور.
قوله تعالى : وإن يكذبوك يعني كفار قريش.
فقد كذبت رسل من قبلك يعزي نبيه ويسليه صلى الله عليه وسلم وليتأسى بمن قبله في الصبر.
وإلى الله ترجع الأمور قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي وخلف ( بفتح التاء ) على أنه مسمى الفاعل.
واختاره أبو عبيد لقوله تعالى : ألا إلى الله تصير الأمور الباقون ( ترجع ) على الفعل المجهول.
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (4)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك، ولا يعظم عليك، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله، من قبلهم وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم ويسلكوا سبيلهم (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجعُ الأمُورُ) يقول تعالى ذكره: وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم، فمُحِل بهم العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك والإقرار بنبوتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة، نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذبة رسلها قبلك، ومنجيك وأتباعك من ذلك، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ) يعزي نبيه كما تسمعون.