الآية 31 من سورة عبس
قال تعالى: (وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا) [عبس - الآية 31]
تفسير جلالين
«وفاكهة وأبّا» ما ترعاه البهائم وقيل التبن.
تفسير السعدي
وَفَاكِهَةً وَأَبًّا الفاكهة: ما يتفكه فيه الإنسان، من تين وعنب وخوخ ورمان، وغير ذلك.
تفسير بن كثير
وقوله ( وفاكهة وأبا ) أما الفاكهة فهو ما يتفكه به من الثمار قال ابن عباس الفاكهة كل ما أكل رطبا والأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية عنه هو الحشيش للبهائم وقال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك الأب الكلأ.
وعن مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم وعن عطاء كل شيء نبت على وجه الأرض فهو أب وقال الضحاك كل شيء أنبتته الأرض سوى الفاكهة فهو أب.
وقال ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس الأب نبت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس ورواه ابن جرير من ثلاث طرق عن ابن إدريس ثم قال حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا ابن إدريس حدثنا عبد الملك عن سعيد بن جبير قال : عد ابن عباس وقال : الأب ما أنبتت الأرض للأنعام هذا لفظ أبي كريب وقال أبو السائب ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس وتأكل الأنعاموقال العوفي عن ابن عباس الأب الكلأ والمرعى وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد وغير واحدوقال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا محمد بن يزيد حدثنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن قوله تعالى ( وفاكهة وأبا ) فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وهذا منقطع بين إبراهيم التيمي والصديق فأما ما رواه ابن جرير حيث قال حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي حدثنا حميد عن أنس قال : قرأ عمر بن الخطاب ( عبس وتولى ) فلما أتي على هذه الآية ( وفاكهة وأبا ) قال عرفنا ما الفاكهة فما الأب فقال لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف.
فهو إسناد صحيح وقد رواه غير واحد عن أنس به وهذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض لقوله ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ).
تفسير الوسيط للطنطاوي
وأنبتنا فيها- أيضا- بقدرتنا وفضلنا فاكِهَةً وَأَبًّا.
والفاكهة: اسم للثمار التي يتناولها الإنسان على سبيل التفكه والتلذذ، مثل الرطب والعنب والتفاح.
والأب: اسم للكلأ الذي ترعاه الأنعام، مأخوذ من أبّ فلان الشيء، إذا قصده واتجه نحوه، لحاجته إليه.
والكلأ والعشب يتجه إليه الإنسان بدوابه للرعي.
قال صاحب الكشاف: والأب: المرعى، لأنه يؤب، أى: يؤم وينتجع.
وعن أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- أنه سئل عن الأب فقال: أى سماء تظلني، وأى أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله مالا علم لي به.
وعن عمر- رضى الله عنه- أنه قرأ هذه الآية فقال: كل هذا قد عرفنا، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت في يده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدرى ما الأب؟ ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا فدعوه.
فإن قلت: فهذا يشبه النهى عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته؟ قلت: لم يذهب إلى ذلك، ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفا عندهم، فأراد أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه، واستدعاء شكره، وقد علم من فحوى الآية، أن الأبّ بعض ما أنبته الله للإنسان متاعا له أو لأنعامه فعليك بما هو أهم، من النهوض بالشكر لله- تعالى- على ما تبين لك أو لم يشكل، مما عدد من نعمه، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب، ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له، واكتف بالمعرفة الجملية، إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت.
وقال بعض العلماء: والذي يتبين لي في انتفاء علم الصديق والفاروق بمدلول لفظ الأب، وهما من خلص العرب لأحد سببين:إما لأن هذا اللفظ كان قد تنوسى من استعمالهم، فأحياه القرآن لرعاية الفاصلة، فإن الكلمة قد تشتهر في بعض القبائل أو في بعض الأزمان وتنسى في بعضها، مثل اسم السكين عند الأوس والخزرج.
فقد قال أنس بن مالك: ما كنا نقول إلا المدية، حتى سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر أن سليمان قال: «ائتوني بالسكين أقسم الطفل بينهما نصفين».
وإما لأن كلمة الأب تطلق على أشياء كثيرة، منها النبت الذي ترعاه الأنعام، ومنها التبن، ومنها يابس الفاكهة، فكان إمساك أبى بكر وعمر عن بيان معناه، لعدم الجزم بما أراد الله منه على التعيين، وهل الأب مما يرجع إلى قوله مَتاعاً لَكُمْ أو إلى قوله وَلِأَنْعامِكُمْ.
تفسير البغوي
( وفاكهة ) يريد ألوان الفواكه ( وأبا ) يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس ، مما يأكله الأنعام والدواب.
قال عكرمة : " الفاكهة " ما يأكله الناس ، و " الأب " ما يأكله الدواب.
ومثله عن قتادة قال : الفاكهة لكم والأب لأنعامكم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما أنبتت [ الأرض ] مما يأكل الناس والأنعام.
وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله : " وفاكهة وأبا " فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفنا فما الأب ؟ ثم رفض عصا كانت بيده وقال : هذا [ والله ] لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن [ أم ] عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وما لا [ تبين ] فدعوه.
تفسير القرطبي
( وفاكهة ) أي ما تأكله الناس من ثمار الأشجار كالتين والخوخ وغيرهما ( وأبا ) هو ما تأكله البهائم من العشب ، قال ابن عباس والحسن : الأب : كل ما أنبتت الأرض ، مما لا يأكله الناس ، ما يأكله الآدميون هو الحصيد ; ومنه قول الشاعر في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - :له دعوة ميمونة ريحها الصبا بها ينبت الله الحصيدة والأباوقيل : إنما سمي أبا ; لأنه يؤب أي يؤم وينتجع.
والأب والأم : أخوان ; قال :جذمنا قيس ونجد دارنا ولنا الأب به والمكرعوقال الضحاك : والأب : كل شيء ينبت على وجه الأرض.
وكذا قال أبو رزين : هو النبات.
يدل عليه قول ابن عباس قال : الأب : ما تنبت الأرض مما يأكل الناس والأنعام.
وعن ابن عباس أيضا وابن أبي طلحة : الأب : الثمار الرطبة.
وقال الضحاك : هو التين خاصة.
وهو محكي عن ابن عباس أيضا ; قال الشاعر :فما لهم مرتع للسوا م والأب عندهم يقدرالكلبي : هو كل نبات سوى الفاكهة.
وقيل : الفاكهة : رطب الثمار ، والأب يابسها.
وقال إبراهيم التيمي : سئل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن تفسير الفاكهة والأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت : في كتاب الله ما لا أعلم.
وقال أنس : سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا بن أم عمر ألا تدري ما الأب ؟ ثم قال : اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خلقتم من سبع ، ورزقتم من سبع ، فاسجدوا لله على سبع ".
وإنما أراد بقوله : " خلقتم من سبع " يعني ( من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ) الآية ، والرزق من سبع ، وهو قوله تعالى : فأنبتنا فيها حبا وعنبا إلى قوله : وفاكهة ثم قال : وأبا وهو يدل على أنه ليس برزق لابن آدم ، وأنه مما تختص به البهائم.
والله أعلم.
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)يقول تعالى ذكره: ( وَفاكِهَةً ) ما يأكله الناس من ثمار الأشجار، والأبّ: ما تأكله البهائم من العشب والنبات.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مبارك، عن الحسن ( وَفاكِهَةً ) قال: ما يأكل ابن آدم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَفاكِهَةً ) قال: ما أكل الناس.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَفاكِهَةً ) قال: أما الفاكهة فلكم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَفاكِهَةً ) قال: الفاكهة لنا.
حدثنا حميد بن مسعدة، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا حميد، قال أنس بن مالك: قرأ عمر عَبَسَ وَتَوَلَّى حتى أتى على هذه الآية ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) قال: قد علمنا ما الفاكهة، فما الأبّ؟ ثم أحسبه " شك الطبري " قال: إن هذا لهو التكلف.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس، قال: قرأ عمر بن الخطاب رضى الله عنه عَبَسَ وَتَوَلَّى فلما أتى على هذه الآية ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) قال: قد عرفنا الفاكهة.
فما الأبّ؟ قال: لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس، قال: قرأ عمر: ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) ومعه عصا في يده، فقال: ما الأبّ، ثم قال: بحسبنا ما قد علمنا، وألقى العصا من يده.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن خليد بن جعفر، عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن أنس، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن هذا هو التكلف.
قال: وحدثني قتادة، عن أنس، عن عمر بنحو هذا الحديث كله.
حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب ويعقوب قالوا: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: عدّ سبعا جعل رزقه في سبعة، وجعله من سبعة، وقال في آخر ذلك: الأبّ: ما أنبتت الأرض مما لا يأكل الناس.
حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا عاصم، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: الأبّ: نبت الأرض مما تأكله الدوابّ، ولا يأكله الناس.
حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب، قالا ثنا ابن إدريس، قال: ثنا عبد الملك، عن سعيد بن جبير، قال: عدّ ابن عباس، وقال: الأبّ: ما أنبتت الأرض للأنعام، وهذا لفظ حديث أبي كريب.
وقال أبو السائب في حديثه: قال: ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس وتأكل الأنعام.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: الأبّ: الكلأ والمرعى كله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رَزين، قال: الأبّ النبات.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رَزين، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش أو غيره، عن مجاهد، قال: الأبّ: المرعى.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: قال مجاهد: ( وأبًّا ) المرعى.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مبارك، عن الحسن ( وأبًّا ) قال: الأبّ: ما تأكل الأنعام.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله ( وأبًّا ) قال: الأبّ: ما أكلت الأنعام.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: أما الأبّ: فلأنعامكم نعم من الله متظاهرة.
حدثنا ابن بشر، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا يونس، عن الحسن، في قوله: ( وأبًّا ) قال: الأبّ: العشب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، وقتادة، في قوله ( وأبًّا ) قال: هو ما تأكله الدوابّ.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وأبًّا ) يعني: المرعى.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وأبًّا ) قال: الأبّ لأنعامنا، قال: والأبّ: ما ترعى.