الآية 23 من سورة المرسلات
قال تعالى: (فَقَدَرۡنَا فَنِعۡمَ ٱلۡقَٰدِرُونَ) [المرسلات - الآية 23]
تفسير جلالين
«فقَدرنا» على ذلك «فنعم القادرون» نحن.
تفسير السعدي
فَقَدَرْنَا أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسدا، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك.
فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [يعني بذلك نفسه المقدسة] حيث كان قدرا تابعا للحكمة، موافق للحمد.
تفسير بن كثير
تفسير الوسيط للطنطاوي
وقوله- تعالى-: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ثناء منه- تعالى- على ذاته بما هو أهله.
أى: فقدّرنا ذلك الخلق تقديرا حكيما منضبطا، وتمكنا من إيجاده في أطوار متعددة، فنعم المقدرون نحن، ونعم الموجدون نحن لما نوجده من مخلوقات.
تفسير البغوي
"فقدرنا"، قرأ أهل المدينة والكسائي: "فقدرنا" بالتشديد من التقدير، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة، لقوله: "فنعم القادرون"، وقيل: معناهما واحد، وقوله: "فنعم القادرون" أي المقدرون.
تفسير القرطبي
فقدرنا وقرأ نافع والكسائي ( فقدرنا ) بالتشديد.
وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى.
قاله الكسائي والفراء والقتبي.
قال القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما تقول : قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه سلم - في الهلال : إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل.
وقال محمد بن الجهم عن الفراء : ( فقدرنا ) قال : وذكر تشديدها عن علي - رضي الله عنه - ، وتخفيفها ، قال : ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر : قال الله تعالى : نحن قدرنا بينكم الموت قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر.
قال : واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون.
قال الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال الأعشى :وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعاوروي عن عكرمة فقدرنا مخففة من القدرة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله : فنعم القادرون ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون.
رواه ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا.
ونحوه عن ابن عباس : قدرنا ملكنا.
المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف.
قلت : هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ فقدرنا مخففا قال : معناه فملكنا فنعم المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد.
وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا.
تفسير الطبري
( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة ( فَقَدَّرْنا ) بالتشديد.
وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالتخفيف.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كنت أوثر التخفيف لقوله: ( فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) إذ كانت العرب قد تجمع بين اللغتين، كما قال: فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا فجمع بين التشديد والتخفيف، كما قال الأعشى:وأنْكَرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْمِنَ الْحَوَادِثِ إلا الشَّيْبَ والصَّلعَا (1)وقد يجوز أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا.
فإنه محكيّ عن العرب، قُدِر عليه الموت، وقُدِّر - بالتخفيف والتشديد.
وعني بقوله: ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) ما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن ابن المبارك غن جويبر، عن الضحاك ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) قال: فملكنا فنعم المالكون.