الآية 2 من سورة ق
قال تعالى: (بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ) [ق - الآية 2]
تفسير جلالين
«بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم» رسول من أنفسهم يخوّفهم بالنار بعد البعث «فقال الكافرون هذا» الإنذار «شيء عجيب».
تفسير السعدي
ولكن أكثر الناس، لا يقدر نعم الله قدرها، ولهذا قال تعالى: بَلْ عَجِبُوا أي: المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم، أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم أي: ينذرهم ما يضرهم، ويأمرهم بما ينفعهم، وهو من جنسهم، يمكنهم التلقي عنه، ومعرفة أحواله وصدقه.
فتعجبوا من أمر، لا ينبغي لهم التعجب منه، بل يتعجب من عقل من تعجب منه.
فَقَالَ الْكَافِرُونَ الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم، لا نقص بذكائهم وآرائهم هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أي: مستغرب، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين:إما صادقون في [استغرابهم و] تعجبهم، فهذا يدل على غاية جهلهم، وضعف عقولهم، بمنزلة المجنون، الذي يستغرب كلام العاقل، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان، وبمنزلة البخيل، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله؟ وإما أن يكونوا متعجبين، على وجه يعلمون خطأهم فيه، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه.
تفسير بن كثير
وهكذا قال هاهنا : ( ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) أي : تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله تعالى : ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس ) [ يونس : 2 ] أي : وليس هذا بعجيب ; فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس.
تفسير الوسيط للطنطاوي
بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وهو أنت يا محمد، فلم يؤمنوا بك، بل قابلوا دعوتك بالإنكار والتعجب.
فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أى: هذا البعث الذي تخبرنا عنه يا محمد شيء يتعجب منه، وتقف دونه أفهامنا حائرة.
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ.
بل للإضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف، فكأنه قيل إنا أنزلنا هذا القرآن لتنذر به الناس، فلم يؤمنوا به، بل جعلوا كلا من المنذر والمنذر به عرضة للتكبر والتعجب، مع كونهما أوفق شيء لقضية العقول، وأقربه إلى التلقي بالقبول.
وقوله: أَنْ جاءَهُمْ بتقدير لأن جاءهم، ومعنى «منهم» أى: من جنسهم، وضمير الجمع يعود إلى الكفار.
وقوله: فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ تفسير لتعجبهم.
وإضمارهم أولا، للإشعار بتعينهم بما أسند إليهم، وإظهارهم ثانيا، لتسجيل الكفر عليهم.
تفسير البغوي
و " بل " كقوله : " والقرآن المجيد - بل عجبوا ".
( أن جاءهم منذر ) مخوف ( منهم ) يعرفون نسبه وصدقه وأمانته ( فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) غريب.
تفسير القرطبي
بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم أن في موضع نصب على تقدير : لأن جاءهم منذر منهم ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم والضمير للكفار.
وقيل : للمؤمنين والكفار جميعا.
ثم ميز بينهم بقوله تعالى : فقال الكافرون ولم يقل فقالوا ، بل قبح حالهم وفعلهم ووصفهم بالكفر ، كما تقول : جاءني فلان فأسمعني المكروه ، وقال لي الفاسق أنت كذا وكذا.
هذا شيء عجيب العجيب الأمر الذي يتعجب منه ، وكذلك العجاب بالضم ، والعجاب بالتشديد أكثر منه ، وكذلك الأعجوبة.
وقال قتادة : عجبهم أن دعوا إلى إله واحد.
وقيل : من إنذارهم بالبعث والنشور.
والذي نص عليه القرآن أولى.
تفسير الطبري
وقوله ( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما كذّبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محقّ, ولكنهم كذّبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم عقاب الله منهم, يعني بشرا منهم من بني آدم, ولم يأتهم مَلك برسالة من عند الله.
وقوله ( فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) يقول تعالى ذكره: فقال المكذّبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم ( هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) : أي مجيء رجل منا من بني آدم برسالة الله إلينا,( هَلا (2) أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ).
--------------------------الهوامش:(2) التلاوة " لولا ".
أ ه.
مصححه.