الآية 19 من سورة فاطر
قال تعالى: (وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ) [فاطر - الآية 19]
تفسير جلالين
«وما يستوي الأعمى والبصير» الكافر والمؤمن.
تفسير السعدي
يخبر تعالى أنه لا يتساوى الأضداد في حكمة اللّه، وفيما أودعه في فطر عباده.
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى فاقد البصر وَالْبَصِيرُ.
تفسير بن كثير
يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ) [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 43 ، 44 ].
وقوله : ( إن الله يسمع من يشاء ) أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها ( وما أنت بمسمع من في القبور ) أي : كما لا [ يسمع و ] ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم.
تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم ساق- سبحانه- أمثلة، لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، وبين الحق والباطل، وبين العلم والجهل.
فقال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ.
وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ.
وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ.
وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ.
والحرور: هو الريح الحارة التي تلفح الوجوه من شدة حرها، فهو فعول من الحر.
أى: وكما أنه لا يستوي في عرف أى عاقل الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، وكما لا تصلح المساواة بين الظلمات والنور، كذلك لا تصلح المساواة بين الكفر والإيمان، وكما لا يتساوى المكان الظليل مع المكان الشديد الحرارة، كذلك لا يستوي أصحاب الجنة وأصحاب النار.
فأنت ترى أن الآيات الكريمة قد مثلت الكافر في عدم اهتدائه بالأعمى، والمؤمن بالبصير، كما مثلت الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، والجنة بالظل الظليل، والنار بالريح الحارة التي تشبه السموم.
وكرر- سبحانه- لفظ لَا أكثر من مرة، لتأكيد نفى الاستواء، بأية صورة من الصور.
تفسير البغوي
( وما يستوي الأعمى والبصير ) يعني : الجاهل والعالم.
وقيل : الأعمى عن الهدى والبصير بالهدى ، أي : المؤمن والمشرك.
تفسير القرطبي
أي الكافر والمؤمن والجاهل والعالم.
مثل : " قل لا يستوي الخبيث والطيب " [ المائدة : 100 ].
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)يقول تعالى ذكره: (وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى) عن دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَالْبَصِيرُ) الذي قد أبصر فيه رشده؛ فاتبع محمدًا وصدقه، وقبل عن الله ما ابتعثه به.