تفسير: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا…، الآية 115 من سورة المؤمنون

الآية 115 من سورة المؤمنون

قال تعالى: (أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ) [المؤمنون - الآية 115]

تفسير جلالين

«أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا» لا لحكمة «وأنكم إلينا لا ترجعون» بالبناء للفاعل وللمفعول؟ لا بل لنتعبدكم بالأمر والنهي ترجعوا إلينا ونجازي على ذلك (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).

تفسير السعدي

أي: أَفَحَسِبْتُمْ أيها الخلق أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا أي: سدى وباطلا، تأكلون وتشربون وتمرحون، وتتمتعون بلذات الدنيا، ونترككم لا نأمركم، و[لا] ننهاكم ولا نثيبكم، ولا نعاقبكم؟ ولهذا قال: وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ لا يخطر هذا ببالكم.

تفسير بن كثير

وقوله : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) أي : أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا ، ( وأنكم إلينا لا ترجعون ) أي : لا تعودون في الدار الآخرة ، كما قال : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) [ القيامة : 36 ] ، يعني هملا.

تفسير الوسيط للطنطاوي

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً.

للإنكار والنفي.

والحسبان هنا: بمعنى الظن.

والفاء معطوفة على محذوف مقدر.

والعبث: اللعب وما لا فائدة فيه من قول أو فعل.

أى: أغرتكم الدنيا، وغفلتم عن مصيركم، فحسبتم أنما خلقناكم عبثا لا لحكمة تقتضيها إرادتنا من خلقكم، وحسبتم كذلك أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ يوم القيامة للحساب والجزاء.

تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) لعبا وباطلا لا لحكمة ، وهو نصب على الحال ، أي : عابثين.

وقيل : للعبث ، أي : لتلعبوا وتعبثوا كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب ، وهو مثل قوله : " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " ( القيامة - 36 ) ، وإنما خلقتم للعبادة وإقامة أوامر الله عز وجل ، و ( وأنكم إلينا لا ترجعون ) أي : أفحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للجزاء ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب لا " ترجعون " بفتح التاء وكسر الجيم.

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا بشر بن عمر ، أخبرنا عبد الله بن لهيعة ، أخبرنا عبد الله بن هبيرة ، عن حنش ، أن رجلا مصابا مر به على ابن مسعود فرقاه في أذنيه : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) حتى ختم السورة فبرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا رقيت في أذنه " ؟ فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال ".

تفسير القرطبي

قوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعونقوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا أي مهملين كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها ؛ مثل قوله تعالى : أيحسب الإنسان أن يترك سدى يريد كالبهائم مهملا لغير فائدة.

قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي : إن الله تعالى خلق الخلق عبيدا ليعبدوه ، فيثيبهم على العبادة ويعاقبهم على تركها ، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد أحرار كرام من رق الدنيا ، ملوك في دار الإسلام ؛ وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أباق سقاط لئام ، وغدا أعداء في السجون بين أطباق النيران.

و ( عبثا ) نصب على الحال عند سيبويه وقطرب.

وقال أبو عبيدة : هو نصب على المصدر أو لأنه مفعول له.

وأنكم إلينا لا ترجعون فتجازون بأعمالكم.

قرأ حمزة ، والكسائي ترجعون بفتح التاء وكسر الجيم من الرجوع.

تفسير الطبري

وقوله: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) يقول تعالى ذكره: أفحسبتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم إذ خلقناكم، لعبا وباطلا وأنكم إلى ربكم بعد مماتكم لا تصيرون أحياء، فتجزون بما كنتم في الدنيا تعملون؟.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة والكوفة: ( لا تُرْجَعُونَ ) بضَمّ التاء: لا تُردّون، وقالوا: إنما هو من مَرْجِع الآخرة، لا من الرجوع إلى الدنيا، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة " لا تَرْجِعُونَ" وقالوا: سواء في ذلك مرجع الآخرة، والرجوع إلى الدنيا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى; لأن من ردّه الله إلى الآخرة من الدنيا بعد فنائه، فقد رَجَع إليها، وأن من رجع إليها، فبردّ الله إياه إليها رجع.

وهما مع ذلك قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) قال: باطلا.