الآية 114 من سورة المؤمنون
قال تعالى: (قَٰلَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ لَّوۡ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) [المؤمنون - الآية 114]
تفسير جلالين
«قال» تعالى بلسان مالك وفي قراءة قل «إن» أي ما «لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون» مقدرا لبثكم من الطول كان قليلا بالنسبة إلى لبثكم في النار.
تفسير السعدي
فقال لهم: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا سواء عينتم عدده، أم لا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
تفسير بن كثير
( قال إن لبثتم إلا قليلا ) أي : مدة يسيرة على كل تقدير ( لو أنكم كنتم تعلمون ) أي : لما آثرتم الفاني على الباقي ، ولما تصرفتم لأنفسكم هذا التصرف السيئ ، ولا استحققتم من الله سخطه في تلك المدة اليسيرة ، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته كما فعل المؤمنون لفزتم كما فازوا.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير ، حدثنا الوليد ، حدثنا صفوان ، عن أيفع بن عبد الكلاعي; أنه سمعه يخطب الناس فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال : يا أهل الجنة ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم.
قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : رحمتي ورضواني وجنتي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين؟ ثم يقول : يا أهل النار ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم.
فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين ".
تفسير الوسيط للطنطاوي
فيرد الله- تعالى- عليهم بقوله قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ أى: ما لبثتم في الدنيا، إِلَّا قَلِيلًا أى: إلا وقتا قليلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شيئا من العلم لأدركتم أن ما لبثتموه في الدنيا، هو قليل جدا بالنسبة إلى مكثكم في النار بسبب إصراركم على كفركم في حياتكم الدنيا.
فجواب لو محذوف، لدلالة الكلام عليه.
ولا يتعارض قولهم هنا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ مع آيات أخرى ذكرت بأنهم يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً وبأنهم ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كما في قوله- تعالى-.
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ.
لأن كل فريق منهم قد أخبر بما تبادر إلى ذهنه، فبعضهم قال: لبثنا عشرا، وبعضهم قال:لبثنا يوما أو بعض يوم، وبعضهم أقسم بأنه ما لبث في الدنيا غير ساعة.
وهذا يدل على أن أهوال العذاب، قد أنستهم ما كانوا فيه في الدنيا من متاع، وما انغمسوا فيه من شهوات.
تفسير البغوي
( قال إن لبثتم ) أي : ما لبثتم في الدنيا ، ( إلا قليلا ) سماه قليلا لأن الواحد وإن طال مكثه في الدنيا فإنه يكون قليلا في جنب ما يلبث في الآخرة ، لأن لبثه في الدنيا وفي القبر متناه ، ( لو أنكم كنتم تعلمون ) قدر لبثكم في الدنيا.
تفسير القرطبي
( قال إن لبثتم إلا قليلا ) الباقون قال على الخبر ، على ما ذكر من التأويل في الأول ؛ أي ما لبثتم في الأرض إلا قليلا ؛ وذلك أن مكثهم في القبور وإن طال كان متناهيا.
وقيل : هو قليل بالنسبة إلى مكثهم في النار ؛ لأنه لا نهاية له.
لو أنكم كنتم تعلمون ذلك.
تفسير الطبري
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) اختلافهم في قراءة قوله: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ والقول عندنا في ذلك في هذا الموضع، نحو القول الذي بيَّناه قبل في قوله: كَمْ لَبِثْتُمْ وتأويل الكلام على قراءتنا: قال الله لهم: ما لبثتم في الأرض إلا قليلا يسيرا، لو أنكم كنتم تعلمون قدر لبثكم فيها.