الآية 10 من سورة الحجر
قال تعالى: (وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ) [الحجر - الآية 10]
تفسير جلالين
«ولقد أرسلنا من قبلك» رسلا «في شيع» فرق «الأولين».
تفسير السعدي
يقول تعالى لنبيه إذ كذبه المشركون: لم يزل هذا دأب الأمم الخالية والقرون الماضية: ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين أي: فرقهم وجماعتهم رسلا.
تفسير بن كثير
يقول تعالى مسليا لرسوله في تكذيب من كذبه من كفار قريش : إنه أرسل من قبله في الأمم الماضية ، وإنه ما أتى أمة رسول إلا كذبوه واستهزءوا به.
تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك من الآيات ما فيه تعزية وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من سفهاء قومه، فأخبره بأن ما أصابه منهم يشبه ما فعله المكذبون السابقون مع رسلهم، فقال- تعالى- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ.
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.
كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ.
لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ.
قال الجمل: «لما أساءوا في الأدب، وخاطبوه صلى الله عليه وسلم خطاب السفاهة، حيث قالوا له:«إنك لمجنون» ، سلّاه الله فقال له: إن عادة الجهال مع جميع الأنبياء كانت هكذا، وكانوا يصبرون على أذى الجهال.
ويستمرون على الدعوة والإنذار، فاقتد أنت بهم في ذلك.
».
والشيع جمع شيعة وهي الطائفة من الناس المتفقة على طريقة ومذهب واحد، من شاعه إذا تبعه، وأصله- كما يقول القرطبي- مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار توقد به الكبار.
والمعنى: ولقد أرسلنا من قبلك- أيها الرسول الكريم- رسلا كثيرين، في طوائف الأمم الأولين، فدعا الرسل أقوامهم إلى ما دعوت إليه أنت قومك من وجوب إخلاص العبادة لله- تعالى-، فما كان من أولئك المدعوين السابقين إلا أن قابلت كل فرقة منهم رسولها بالسخرية والاستهزاء، كما قابلك سفهاء قومك.
وذلك لأن المكذبين في كل زمان ومكان يتشابهون في الطباع الذميمة، وفي الأخلاق القبيحة: كمال قال- تعالى- كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ.
أَتَواصَوْا بِهِ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ.
والجار والمجرور مِنْ قَبْلِكَ متعلق بأرسلنا، أو بمحذوف وقع نعتا لمفعوله المحذوف.
أى: ولقد أرسلنا رسلا كائنة من قبلك.
وإضافة الشيع إلى الأولين من إضافة الموصوف إلى صفته عند بعض النحاة، أو من حذف الموصوف عند البعض الآخر، أى شيع الأمم الأولين.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا من قبلك ) أي : رسلا ( في شيع الأولين ) أي : في [ الأمم والقرون الماضية ].
والشيعة : هم القوم المجتمعون المتفقة كلمتهم.
تفسير القرطبي
قوله تعالى : ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين المعنى : ولقد أرسلنا من قبلك رسلا ، فحذف.
والشيع جمع شيعة وهي الأمة ، أي في أممهم ; قاله ابن عباس وقتادة.
والحسن : في فرقهم.
والشيعة : الفرقة والطائفة من الناس المتآلفة المتفقة الكلمة.
فكأن الشيع الفرق ; ومنه قوله - تعالى - : أو يلبسكم شيعا.
وأصله مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار - كما تقدم في " الأنعام ".
- وقال الكلبي : إن الشيع هنا القرى.
تفسير الطبري
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولقد أرسلنا يا محمد من قبلك في الأمم الأوّلين رسلا وترك ذكر الرسل اكتفاء بدلالة قوله ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ ) عليه، وعنى بشيع الأوّلين: أمم الأوّلين: واحدتها شيعة، ويقال أيضا لأولياء الرجل: شيعته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأوَّلِينَ ) يقول: أمم الأولين.
حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قوله ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأوَّلِينَ ) قال: في الأمم.