الآية 1 من سورة النمل
قال تعالى: (طسٓۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابٖ مُّبِينٍ) [النمل - الآية 1]
تفسير جلالين
«طس» الله أعلم بمراده بذلك «تلك» هذه الآيات «آيات القرآن» آيات منه «وكتاب مبين» مظهر للحق من الباطل عطف بزيادة صفة.
تفسير السعدي
ينبه تعالى عباده على عظمة القرآن ويشير إليه إشارة دالة على التعظيم فقال: ( تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ) أي: هي أعلى الآيات وأقوى البينات وأوضح الدلالات وأبينها على أجل المطالب وأفضل المقاصد، وخير الأعمال وأزكى الأخلاق، آيات تدل على الأخبار الصادقة والأوامر الحسنة والنهي عن كل عمل وخيم وخلق ذميم، آيات بلغت في وضوحها وبيانها للبصائر النيرة مبلغ الشمس للأبصار، آيات دلت على الإيمان ودعت للوصول إلى الإيقان، وأخبرت عن الغيوب الماضية والمستقبلة، على طبق ما كان ويكون.
آيات دعت إلى معرفة الرب العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الكاملة، آيات عرفتنا برسله وأوليائه ووصفتهم حتى كأننا ننظر إليهم بأبصارنا، ولكن مع هذا لم ينتفع بها كثير من العالمين ولم يهتد بها جميع المعاندين صونا لها عن من لا خير فيه ولا صلاح ولا زكاء في قلبه، وإنما اهتدى بها من خصهم الله بالإيمان واستنارت بذلك قلوبهم وصفت سرائرهم.
تفسير بن كثير
سورة النمل قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال ألم اسم من أسماء الله الأعظم هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذاني قال: قال عبدالله فذكر نحوه وحكى مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم وروينا أيضا من حديث وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى ألم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلألائه وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب: فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد بها الدين كقوله تعالى "إنا وجدنا آباءنا على أمة" وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين" وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى "وجد عليه أمة من الناس يسقون" وقوله تعالى "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا" وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى "وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة" أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا وقوله تعالى: "تلك آيات" أي هذه آيات "القرآن وكتاب مبين" أي بين واضح.
تفسير الوسيط للطنطاوي
مقدمة وتمهيد1- سورة النمل، من السور المكية: وهي السورة السابعة والعشرون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الشعراء.
قال القرطبي: سورة النمل، مكية كلها في قول الجميع.
2- وسميت بسورة النمل، لقوله- تعالى-: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ.
قال الآلوسى: «وتسمى أيضا- كما في الدر المنثور- سورة سليمان، وعدد آياتها خمس وتسعون آية- عند الحجازيين-، وأربع وتسعون- عند البصريين- وثلاث وتسعون- عند الكوفيين-».
3- وقد افتتحت سورة النمل بالثناء على القرآن الكريم، وعلى المؤمنين الذين يحافظون على فرائض الله- تعالى-، ويوقنون بالآخرة وما فيها من ثواب أو عقاب.
أما الذين لا يؤمنون بالآخرة، فقد أنذرتهم بسوء المصير أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ.
4- ثم تحدثت السورة بعد ذلك عن جانب من قصة موسى- عليه السلام- فذكرت لنا ما قاله موسى لأهله عند ما آنس من جانب الطور نارا، وما قاله الله- تعالى- له عند ما جاءها، وما أمره- سبحانه- به، في قوله- تعالى-: وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ.
يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ.
5- ثم تحدثت السورة بعد ذلك عما منحه الله- تعالى- لداود وسليمان- عليهما السلام- من علم واسع، ومن عطاء كبير، وحكت ما قالته نملة عند ما رأت سليمان وجنوده، كما حكت ما دار بين سليمان- عليه السلام- وبين الهدهد، وما دار بينه- عليه السلام-وبين ملكة سبأ من كتب ومحاورات انتهت بإسلام ملكة سبأ، حيث قالت: بِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
ثم ساقت السورة جانبا من قصة صالح- عليه السلام- مع قومه، فتحدثت عن الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، والذين بيتوا السوء لنبيهم صالح وللمؤمنين معه، فكانت نتيجة مكر هؤلاء المفسدين الخسار والهلاك.
كما قال- تعالى-:وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ.
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا.
7- وبعد أن ساقت السورة جانبا من قصة لوط- عليه السلام- مع قومه.
أتبعت ذلك بالحديث عن وحدانية الله- تعالى- وقدرته، فذكرت ألوانا من الأدلة على ذلك، وقد قال- سبحانه- في أعقاب كل دليل أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، وكرر ذلك خمس مرات، في خمس آيات.
8- وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر وحدانية الله وقدرته- سبحانه-، أخذت السورة الكريمة في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي تثبيت فؤاده، وفي بيان أن هذا القرآن هداية ورحمة.
قال- تعالى-: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.
وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ.
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.
9- ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالحديث عن علامات الساعة وأهوالها، وعن عاقبة المؤمنين، وعاقبة الكافرين، وعن المنهج الذي اتبعه الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأمر غيره باتباعه، فقال- تعالى-: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها، وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ.
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
10- وبعد: فهذا عرض مجمل لسورة النمل.
ومنه نرى أن السورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أدلة وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعن مظاهر فضله- تعالى- على عباده.
وعن علمه- سبحانه- المحيط بكل شيء، وعن آياته الكونية التي يكشف منها للناس ما يشاء كشفه وبيانه.
كما نرى أن السورة الكريمة قد اشتمل القصص على جانب كبير منها، خصوصا قصص بعض أنبياء بنى إسرائيل، فقد حدثتنا عن جانب من قصة موسى، وداود، وسليمان.
ثم بينت أن على بنى إسرائيل المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم أن يعودوا إلى القرآن، ليعرفوا منه الأمر الحق في كل ما اختلفوا فيه، قال- تعالى-: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.
كما نراها تجمع في توجيهاتها وإرشاداتها بين الترغيب والترهيب، وبين التذكير بنعم الله التي نشاهدها في هذا الكون، وبين التحذير من أهوال يوم القيامة، وتختم بهذه الآية الجامعة:وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سورة النمل : من السور التى افتتحت ببعض الحروف المقطعة ، وهو قوله - تعالى - ( طسا ).
وقد ذكرنا آراء العلماء فى هذه الحروف المقطعة بشىء من التفصيل عند تفسيرنا لسور : البقرة ، وآل عمران ، والأعراف ، ويونس ، وهود ، ويوسف.
إلخ.
وقلنا ما خلاصته : لعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة.
قد رودت فى افتتاح بعض السور ، على سبيل الإيقاظ والتنبيه ، للذين تحداهم القرآن.
فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك الكافرين الذين زعموا أن هذا القرآن ليس من عنده - تعالى - : هاكم القرآن ترونه مؤلفاً من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ، ومنظوماً من حروف هى من جنس الحروف الهجائية ، التى تنظمون منها حروفكم ، فإن كنتم فى شك فى أنه من عند الله - تعالى - فهاتوامثله ، أو هاتوا عشر سور من مثله ، أو هاتوا سورة واحدة من مثله.
فعجزوا وانقلبوا خاسرين ، وثبت أن هذا القرآن من عند الله - عز وجل -.
واسم الإشارة ( تِلْكَ ) يعود إلى الآيات القرآنية التى تضمنتها هذه السورة الكريمة.
أو إلى جميع آيات القرآن التى نزلت قبل ذلك.
وهو - أى لفظ ( تِلْكَ ) - مبتدأ وخبره قوله - سبحانه - ( آيَاتُ القرآن ) ، أى : تلك الآيات الحكيمة التى أنزلناها إليك - إيها الرسول الكريم - هى آيات القرآن ، الذى أنزلناه إليك لتخرج الناس به من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
فإضافة الآيات إلى القرآن لتعظيم شأنها ، وسمو منزلتها.
وقوله - تعالى - : ( وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ) معطوف على القرآن من باب عطف إحدى الصفتين على الأخرى ، كقولهم هذا فعل فلان السخى والجواد الكريم.
قال الآلوسى : " والمبين : وإما من أبان المتعدى ، أى : مظهر ما فى تضاعيفه من الحكم والأحكام وأحوال القرون الأولى.
وإما من أبان اللازم ، بمعنى بان.
أى : ظاهر الإعجاز.
وهو على الاحتمالين ، صفة مادحة لكتاب ، مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة.
".
تفسير البغوي
مكية( طس ) قال ابن عباس : هو اسم من أسماء الله تعالى ، وقد سبق الكلام في حروف الهجاء.
) ( تلك آيات القرآن ) أي : هذه آيات القرآن ) ( وكتاب مبين ) أي : وآيات كتاب مبين.
تفسير القرطبي
مكية كلها في قول الجميع ، وهي ثلاث وتسعون آية.
وقيل : أربع وتسعون آية.
قوله تعالى : طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين مضى الكلام في الحروف المقطعة في ( البقرة ) وغيرها.
و ( تلك ) بمعنى هذه ; أي هذه السورة آيات القرآن وآيات كتاب مبين.
وذكر القرآن بلفظ المعرفة ، وقال : وكتاب مبين بلفظ النكرة وهما في معنى المعرفة ; كما تقول : فلان رجل عاقل وفلان الرجل العاقل.
والكتاب هو القرآن ، فجمع له بين الصفتين : بأنه قرآن وأنه كتاب ; لأنه ما يظهر بالكتابة ، ويظهر بالقراءة.
وقد مضى اشتقاقهما في ( البقرة ).
وقال في سورة الحجر : الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين فأخرج الكتاب بلفظ المعرفة والقرآن بلفظ النكرة ; وذلك لأن القرآن والكتاب اسمان يصلح لكل واحد منهما أن يجعل معرفة ، وأن يجعل صفة.
ووصفه بالمبين لأنه بين فيه أمره ونهيه وحلاله وحرامه ووعده ووعيده ; وقد تقدم.
تفسير الطبري
قال أبو جعفر: وقد بيَّنا القول فيما مضى من كتابنا هذا فيما كان من حروف المعجم في فواتح السور, فقوله: ( طس ) من ذلك.
وقد رُوي عن ابن عباس أن قوله: ( طس ) قسم أقسمه الله هو من أسماء الله.
حدثني علي بن داود, قال: ثنا عبد الله بن صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: قوله: ( طس ) قسم أقسمه الله هو من أسماء الله.
فالواجب على هذا القول أن يكون معناه: والسميع اللطيف, إن هذه الآيات التي أنزلتها إليك يا محمد لآيات القرآن, وآيات كتاب مبين: يقول: يبين لمن تدبَّره, وفكَّر فيه بفهم أنه من عند الله, أنزله إليك, لم تتخرّصه أنت ولم تتقوّله, ولا أحد سواك من خلق الله, لأنه لا يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثله, ولو تظاهر عليه الجنّ والإنس.
وخفض قوله : ( وَكِتَابٍ مُبِينٍ ) عطفا به على القرآن.