تفسير: هذا يوم لا ينطقون، الآية 35 من سورة المرسلات

الآية 35 من سورة المرسلات

قال تعالى: (هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ) [المرسلات - الآية 35]

تفسير جلالين

«هذا» أي يوم القيامة «يوم لا ينطقون» فيه بشيء.

تفسير السعدي

أي: هذا اليوم العظيم الشديد على المكذبين، لا ينطقون فيه من الخوف والوجل الشديد.

تفسير بن كثير

أي لا يتكلمون.

تفسير الوسيط للطنطاوي

ثم صور- سبحانه- حالهم عند ما يردون على النار، ويوشكون على القذف بهم فيها، فقال- تعالى- هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ.

فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ.

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

أى: ويقال لهؤلاء المجرمين- أيضا- عند الإلقاء بهم في النار: هذا يوم لا ينطقون فيه بشيء ينفعهم، أو لا ينطقون فيه إطلاقا لشدة دهشتهم، وعظم حيرتهم.

ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة، فإنهم بعد أن خوطبوا خطاب إهانة وإذلال بقوله- تعالى-: انْطَلِقُوا أعرض المخاطبون لهم، على سبيل الإهمال لهؤلاء الكافرين، وقالوا لهم: هذا يوم القيامة الذي لا يصح لكم النطق فيه.

وهذا لا يتعارض مع الآيات التي تفيد نطقهم، كما في قوله- تعالى-: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ لأن في يوم القيامة مواطن متعددة، فهم قد ينطقون في موطن، ولا ينطقون في موطن آخر.

تفسير البغوي

"هذا يوم لا ينطقون"، وفي القيامة مواقف، ففي بعضها يختصمون ويتكلمون، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون.

تفسير القرطبي

قوله تعالى : هذا يوم لا ينطقون أي لا يتكلمون ولا يؤذن لهم فيعتذرون أي إن يوم القيامة له مواطن ومواقيت ، فهذا من المواقيت التي لا يتكلمون فيها ، ولا يؤذن لهم في الاعتذار والتنصل.

وعن عكرمة عن ابن عباس قال : سأل ابن الأزرق عن قوله تعالى : هذا يوم لا ينطقون و فلا تسمع إلا همسا وقد قال تعالى : وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فقال له : إن الله - عز وجل - يقول : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فإن لكل مقدار من هذه الأيام لونا من هذه الألوان.

وقيل : لا ينطقون بحجة نافعة ، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه ما نطق.

قال الحسن : لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون.

وقيل : إن هذا وقت جوابهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون وقد تقدم.

وقال أبو عثمان : أسكتتهم رؤية الهيبة وحياء الذنوب.

وقال الجنيد : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده وكفر أياديه ونعمه ؟ و " يوم " بالرفع قراءة العامة على الابتداء والخبر ; أي تقول الملائكة : هذا يوم لا ينطقون ويجوز أن يكون قوله : انطلقوا من قول الملائكة ، ثم يقول الله لأوليائه : هذا يوم لا ينطق الكفار.

ومعنى اليوم الساعة والوقت.

وروى يحيى بن سلطان.

عن أبي بكر عن عاصم هذا يوم لا ينطقون بالنصب ، ورويت عن ابن هرمز وغيره ، فجاز أن يكون مبنيا لإضافته إلى الفعل وموضعه رفع.

وهذا مذهب الكوفيين.

وجاز أن يكون في موضع نصب على أن تكون الإشارة إلى غير اليوم.

وهذا مذهب البصريين ; لأنه إنما بني عندهم إذا أضيف إلى مبني ، والفعل هاهنا معرب.

تفسير الطبري

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بثواب الله وعقابه: ( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ) أهل التكذيب بثواب الله وعقابه ( وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) مما اجترموا في الدنيا من الذنوب.

فإن قال قائل: وكيف قيل: ( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ) وقد علمت بخبر الله عنهم أنهم يقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا وأنهم يقولون: رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ في نظائر ذلك مما أخبر الله ورسوله عنهم أنهم يقولونه.

قيل: إن ذلك في بعض الأحوال دون بعض.

وقوله: ( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ) يخبر عنهم أنهم لا ينطقون في بعض أحوال ذلك اليوم، لا أنهم لا ينطقون ذلك اليوم كله.

فإن قال: فهل من بُرهان يعلم به حقيقة ذلك؟ قيل: نعم، وذلك إضافة يوم إلى قوله: ( لا يَنْطِقُونَ ) والعرب لا تُضيف اليوم إلى فعل يفعل، إلا إذا أرادت الساعة من اليوم والوقت منه، وذلك كقولهم: آتيك يومَ يقدمُ فلان، وأتيتك يوم زارك أخوك، فمعلوم أن معنى ذلك: أتيتك ساعة زارك، أو آتيك ساعة يقدُم، وأنه لم يكن إتيانه إياه اليوم كله، لأن ذلك لو كان أخذ اليوم كله لم يضف اليوم إلى فعل ويفعل، ولكن فعل ذلك إذ كان اليوم بمعنى إذ وإذا اللتين يطلبان الأفعال دون الأسماء.