الآية 19 من سورة الرحمن
قال تعالى: (مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ) [الرحمن - الآية 19]
تفسير جلالين
«مرج» أرسل «البحرين» العذب والملح «يلتقيان» في رأي العين.
تفسير السعدي
المراد بالبحرين: البحر العذب، والبحر المالح، فهما يلتقيان كلاهما، فيصب العذب في البحر المالح، ويختلطان ويمتزجان،.
تفسير بن كثير
وقوله : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال ابن عباس : أي أرسلهما.
وقوله : ( يلتقيان ) قال ابن زيد : أي : منعهما أن يلتقيا ، بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما.
والمراد بقوله : ( البحرين ) الملح والحلو ، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس.
وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة " الفرقان " عند قوله تعالى : ( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) [ الفرقان : 53 ].
وقد اختار ابن جرير هاهنا أن المراد بالبحرين : بحر السماء وبحر الأرض ، وهو مروي عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطية وابن أبزى.
قال ابن جرير : لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء ، وأصداف بحر الأرض.
وهذا وإن كان هكذا ، ليس المراد [ بذلك ] ما ذهب إليه ، فإنه لا يساعده اللفظ.
تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم قال- سبحانه-: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ.
بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ.
وقوله: مَرَجَ من المرّج بمعنى الإرسال والتخلية، ومنه قولهم: مرج فلان دابته.
إذا أرسلها إلى المرج، وهو المكان الذي ترعى فيه الدواب.
ويصح أن يكون من المرج بمعنى الخلط، ومنه قوله- تعالى-: فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ أى: مختلط، وقيل للمرعى: مرج لاختلاط الدواب فيه بعضها ببعض.
والمراد بالبحرين: البحر العذب، والبحر الملح.
تفسير البغوي
" مرج البحرين "، العذب والمالح أرسلهما وخلاهما " يلتقيان ".
تفسير القرطبي
قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان مرج أي خلى وأرسل وأهمل ، يقال : مرج السلطان الناس إذا أهملهم.
وأصل المرج الإهمال كما تمرج الدابة في المرعى.
ويقال : مرج خلط.
وقال الأخفش : ويقول قوم أمرج البحرين مثل مرج ، فعل وأفعل بمعنى.
البحرين قال ابن عباس : بحر السماء وبحر الأرض ، وقاله مجاهد وسعيد بن جبير.
يلتقيان في كل عام.
وقيل : يلتقي طرفاهما.
وقال الحسن ، وقتادة : بحر فارس والروم.
وقال ابن جريج : إنه البحر المالح والأنهار العذبة.
وقيل : بحر المشرق والمغرب يلتقي طرفاهما.
وقيل : بحر اللؤلؤ والمرجان.
تفسير الطبري
وقوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) يقول تعالى ذكره: مرج ربّ المشرقين وربّ المغربين البحرين يلتقيان، يعني بقوله: ( مَرَجَ ): أرسل وخلى، من قولهم: مرج فلان دابته: إذا خلاها وتركها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) يقول: أرسل.
واختلف أهل العلم في البحرين اللذين ذكرهما الله جلّ ثناؤه في هذه الآية، أيّ البحرين هما؟ فقال: بعضهم: هما بحران: أحدهما في السماء، والآخر في الأرض.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر عن سعيد، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء والأرض يلتقيان كل عام.
وقال آخرون : عني بذلك بحر فارس وبحر الروم.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن زياد مولى مصعب، عن الحسن ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر الروم، وبحر فارس واليمن.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) فالبحران: بحر فارس، وبحر الروم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر فارس وبحر الروم.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُني به بحر السماء، وبحر الأرض، وذلك أن الله قال يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، واللؤلؤ والمرجان إنما يخرج من أصداف بحر الأرض عن قطَرْ ماء السماء، فمعلوم أن ذلك بحر الأرض وبحر السماء.