الآية 11 من سورة النحل
قال تعالى: (يُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلۡأَعۡنَٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل - الآية 11]
تفسير جلالين
«ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك» المذكور «لآية» دالة على وحدانيته تعالى «لقوم يتفكرون» في صنعه فيؤمنون.
تفسير السعدي
تفسير الآيتين 10 و11:بذلك على كمال قدرة الله الذي أنزل هذا الماء من السحاب الرقيق اللطيف ورحمته حيث جعل فيه ماء غزيرا منه يشربون وتشرب مواشيهم ويسقون منه حروثهم فتخرج لهم الثمرات الكثيرة والنعم الغزيرة.
تفسير بن كثير
وقوله : ( ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات ) أي : يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد ، على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها وأشكالها ; ولهذا قال : ( إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) أي : دلالة وحجة على أنه لا إله إلا الله ، كما قال تعالى : ( أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون ) [ النمل : 60 ]ثم قال تعالى :.
تفسير الوسيط للطنطاوي
وقوله- سبحانه-: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ.
تفصيل لأهم منافع الماء.
أى: يخرج لكم من الأرض، بسبب الماء الذي أنزله عليها من السماء «الزرع» الذي هو أصل أغذيتكم، وعماد معاشكم، كالقمح والشعير وغيرهما «والزيتون» الذي تستعملونه إداما في أغذيتكم «والنخيل والأعناب» اللذين فيهما الكثير من الفوائد، ومن التلذذ عند أكل ثمارهما.
وأخرج لكم- أيضا- بسبب هذا الماء «من كل الثمرات» التي تشتهونها وتنتفعون بها، والتي تختلف في أنواعها، وفي مذاقها، وفي روائحها، وفي ألوانها، مع أن الماء الذي سقيت به واحد، والأرض التي نبتت فيها متجاورة.
ولا شك أن في هذا الإنبات بتلك الطريقة، أكبر دليل على قدرة الله- تعالى-.
لأنه لا يقدر على ذلك سواء- سبحانه-.
وأسند- سبحانه- الإنبات إليه فقال: «ينبت لكم به.
» لأنه الفاعل الحقيقي لهذا الإنبات والإخراج للزروع من الأرض: أما غيره- سبحانه- فيلقى الحب في الأرض، ويرجو الثمار والإنبات منه- عز وجل-.
قال- تعالى: أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ.
أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ.
لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ.
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ.
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ.
وقال- سبحانه-: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ، وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
وقال- عز وجل-: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ، ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ.
وختم- سبحانه- الآية بقوله إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ للحض على التفكر والتأمل في عظيم قدرته- سبحانه- حتى يصل المتأمل إلى إخلاص العبادة له- عز وجل.
أى: إن في ذلك المذكور، من إنزال الماء من السماء، وإنبات الزروع والثمار بسببه، لآية باهرة، ودلالة عظيمة، على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، لقوم يحسنون التفكير، ويجيدون التأمل في خلقه، أما الذين لا يحسنون التفكير والتأمل، فهم كالأنعام بل هم أضل.
قال الآلوسى ما ملخصه: وقال- سبحانه-: لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ لأن من تفكر في أن الحبة والنواة، تقع في الأرض، وتصل إليها نداوة تنفذ فيها، فينشق أسفلها، فيخرج منه عروق تنبسط في أعماق الأرض، وينشق أعلاها وإن كانت منتكسة في الوقوع.
من تفكر في ذلك علم أن من هذه آثاره وأفعاله، لا يمكن أن يشبهه غيره في صفة من صفات الكمال، فضلا عن أن يشاركه في أخص صفاته التي هي الألوهية واستحقاق العبادة.
وحيث كان الاستدلال بما ذكر، مشتملا على أمر خفى محتاج إلى التفكر والتدبر لمن له نظر سديد، ختم- سبحانه- الآية بالتفكر.
ثم ساق- سبحانه- دلائل أخرى مما خلق لنفع الإنسان، تدل على وحدانيته وقدرته، فقال- تعالى:.
تفسير البغوي
( ينبت لكم به ) أي : ينبت الله لكم به ، يعني بالماء الذي أنزل ، وقرأ أبو بكر عن عاصم " ننبت " بالنون.
( الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ).
تفسير القرطبي
قوله تعالى : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون قوله تعالى : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات قرأ أبو بكر عن عاصم " ننبت " بالنون على التعظيم.
العامة بالياء على معنى ينبت الله لكم ; يقال : نبتت الأرض وأنبتت بمعنى ، ونبت البقل وأنبت بمعنى.
وأنشد الفراء :رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حتى إذا أنبت البقلأي نبت.
وأنبته الله فهو منبوت ، على غير قياس.
وأنبت الغلام نبتت عانته.
ونبت الشجر غرسه ; يقال : نبت أجلك بين عينيك.
ونبت الصبي تنبيتا ربيته.
والمنبت موضع النبات ; يقال : ما أحسن نابتة بني فلان ; أي ما ينبت عليه أموالهم وأولادهم.
ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار.
وإن بني فلان لنابتة شر.
والنوابت من الأحداث الأغمار.
والنبيت حي من اليمن.
والينبوت شجر ; كله عن الجوهري.
والزيتون جمع زيتونة.
ويقال للشجرة نفسها : زيتونة ، وللثمرة زيتونة.
وقد مضى في سورة " الأنعام " حكم زكاة هذه الثمار فلا معنى للإعادة.
إن في ذلك أي الإنزال والإنبات.
لآية أي دلالة لقوم يتفكرون.
تفسير الطبري
يقول تعالى ذكره: يُنبت لكم ربكم بالماء الذي أنزل لكم من السماء زرعَكم وزيتونَكم ونخيلكم وأعنابكم ، ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) يعني من كلّ الفواكه غير ذلك أرزاقا لكم وأقواتا وإداما وفاكهة، نعمة منه عليكم بذلك وتفضّلا وحُجة على من كفر به منكم ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ) يقول جلّ ثناؤه: إن في إخراج الله بما ينزل من السماء من ماء ما وصف لكم ( لآيَةً ) يقول: لدلالة واضحة ، وعلامة بينة ( لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يقول: لقوم يعتبرون مواعظ الله ، ويتفكَّرون في حججه، فيتذكرون وينيبون.